فصل: بيع ما ليس بكيل ولا وزن بجنسه أو بغيره متساويا أو متفاضلا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (نسخة منقحة مرتبة مفهرسة)



.فوائد البنوك:

السؤال الأول من الفتوى رقم (7301)
س1: من منطلق ثقتنا في علمكم وتقواكم ولا نزكي على الله أحدا؛ أتوجه إليكم بطلب فتوى في أمر يهم كل مسلم، وخاصة المسلمين لدينا هنا بأوروبا، هذا بعد محاولتنا استيفاء دراسة هذا الأمر من كتب الفقه المختلفة، وتتبع ما ذكر في هذا الأمر في مختلف المؤتمرات الإسلامية، تلك المحاولات وصلت بأعضاء مجلس جمعيتنا الخيرية إلى رأيين في هذا الشأن: ألا وهو فوائد البنوك، هل هي ربا والعياذ بالله أم لا؟
فالرأي الأول يقول: إن فوائد البنوك سواء قلت أو كثرت فهي ربا، ويجب ألا يستحلها أي مسلم، وخاصة جمعية خيرية، بناء على فتاوى كبار العلماء في مختلف المؤتمرات الإسلامية، وحتى وإن كان في الأمر بعض الغموض، فالأتقى الابتعاد عن هذه الفوائد؛ عملا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: «إن الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس..» إلى آخر الحديث، وإن القروض ترد دون زيادة أو نقصان، فما يعد يعد، وما يوزن يوزن، وما يكال يكال.
والرأي الثاني يقول: إنه من منطلق الحفاظ على أموال المسلمين من التناقص الذي يصيبها نتيجة التضخم في قيمتها (القدرة الشرائية للنقود)؛ فلذا يلزم تعويض هذا النقصان عن طريق الاستثمار، وهذا غير متيسر؛ لأننا لسنا جهة مالية متخصصة، أو أنها تحفظ في أحدى البنوك مقابل فائدة تقل عن نسبة التضخم في الأسعار؛ لتعويض ولو جزء من الخسارة الناشئة عنه، وضرب المثل التالي: إذا اقترض زيد من أحمد كمية معينة من التمر، وكان ثمنها في ذلك الوقت يعادل 100 ريال، وعندما حل موعد السداد لم يكن عند زيد تمر، وأراد أن يسدد ثمنها، وقبل ذلك أحمد، فعندما سألوا عن ثمنها في السوق وجدوه 150 ريالا، وكانا يعلمان أن ثمنها عند الاقتراض 100 ريال، فقط، فهل يقبل أحمد الـ 150 ريال، أم الـ 100 ريال، وإنه في صدر الإسلام كانت النقود هي من الذهب والفضة، كل وحدة منها لها وزن معين، فهي سلعة في حد ذاتها، لها قيمة ترتفع وتنخفض حسب الارتفاع والانخفاض في الأسعار، بخلاف النقود الورقية، فهي ليست إلا قصاصة من الورق، ليس لها أي قيمة في حد ذاتها.
هذا باختصار عرض لكل من الرأيين الموكل لهم مهمة البحث في هذه المشكلة، وللأسف لم يتوصلوا إلى حكم الدين في مشكلة فوائد البنوك؛ نظرا لعدم العثور على سند فتاوى المؤتمرات الإسلامية وعلماء المسلمين القائلين بحرمة هذه الفوائد، وكذلك لم يتعرض أي منهم لمشكلة التضخم وحكم الدين فيها، هذا مما جعل كلا من الفريقين يتمسك برأيه.
لذا سوف نعرض هذين الرأيين على الجمعية العمومية القادم في شهر مارس حتى يقرر بعد التصويت ما يجب أن يتخذ تجاه هذه المشكلة، وإيمانا منا بأنه ليس هناك للتصويت مجال في أمور الدين، طالما هناك من يعلم ويقدر على الإفتاء؛ لذا أرجو من فضيلتكم التكرم بإرسال فتواكم حتى نهاية شهر فبراير، وسند الفتوى الذي هو في درجة أهمية الفتوى لتوضح ولنوضح لأعضاء الجمعية وللمسلمين رأي الدين في هذه المشكلة، التي ما من مسلم إلا ويواجهها، خاصة في الدول الغربية، ولكي يكون تقرير الجمعية العمومية موافقا لما يحبه الله ويرضاه. وجزاكم الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء.
ج1: أولا: الصحيح أنه تجب المماثلة والتقابض في بيع الأموال الربوية، بعضها ببعض، إذا اتحد الجنس، أما إذا اختلف الجنس فيجوز بيع بعضها ببعض متفاضلا، لكن يجب التقابض في مجلس العقد، إلا إذا كان أحد العوضين ذهبا أو فضة، أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية، والآخر من غيرهما، فيجوز تأجيل أحد العوضين، كما في السلم وبيوع الآجال.
وعلى هذا تكون زيادة أحد العوضين عن الآخر من ربا الفضل إذا اتحد جنس المال الربوي.
ثانيا: لم يضطرنا الله تعالى في تنمية الأموال وحفظها من النقصان إلى إيداعها في البنوك مثلا بفائدة ربوية، ولم يضيق علينا في طرق الكسب الحلال، حتى نلجأ إلى التعامل الربوي، بل شرع لنا الاستثمار عن طريق التجارة والزراعة والصناعة، وغيرها من وجوه الإنتاج والاستثمار؛ لتنمية الأموال، وبين لنا الحلال من الحرام، فمن استطاع أن يباشر بنفسه طريقا من طرق الكسب الحلال فليفعل، ومن لم يستطع أعطى ماله أمينا موثوقا خبيرا بطرق الاستثمار ليعمل له فيه بنسبة معلومة من الربح، ويسمى ذلك: شركة مضاربة أو مزارعة أو مساقاة، تبعا لاختلاف أنواع الأعمال، وهذه الطرق ونحوها من أسباب الكسب الحلال وحفظ الأموال من النقصان بحول الله وقوته مع التوزيع العادل للأرباح والخسارة.
فدعوى الطرف الثاني أنه لا طريق لحفظ المال من النقصان إلا إيداعه في البنوك الربوية بفائدة ربوية غير صحيحة.
وعلى ذلك يجب قضاء القروض بمثلها من جنسها، وهو مقتضى العدل، فإن ارتفاع القيمة المذكورة وهبوطها من الأمور التي يعود نفعها وضررها على الطرفين، وتقلب الأسعار ارتفاعا وانخفاضا قد كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يغير من أجله القاعدة الشرعية التي رسمها للمسلمين؛ ليسيروا على ضوئها في التعامل.
وللمقترض أن يرد قيمة القرض وقت القضاء إذا رضي صاحب الحق بذلك؛ لما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه، أنه قال: كنا نبيع الإبل بالدنانير، ونأخذ الدراهم ونبيع بالدراهم، ونأخذ الدنانير (*) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود

.بيع الحيوان بالحيوان متفاضلا أو مؤجلا:

السؤال الثاني والثالث من الفتوى رقم (6904)
س 2، 3: هل يجوز أن يعطي الرجل 40 من الغنم، على أن ترد له بعد 4 سنوات 80 من الغنم مقسطة على أربع سنوات أخرى، كل سنة يؤدي منها 20 رأس؟ وهل في هذا ربا، وإن كان ربا فماذا نعمل بما سلف جزاكم الله خيرا؟ هل يجوز بيع تيس باثنين من الماعز حالا أو مؤجلا؟ أفتونا جزاكم الله خيرا.
ج2، 3: يجوز بيع الحيوان بالحيوان متفاضلا ومؤجلا؛ لما أخرج الإمام أحمد وأبو داود، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبعث جيشا على إبل كانت عندي، قال: فحملت الناس عليها حتى نفدت الإبل، وبقيت بقية من الناس، قال: فقلت: يا رسول الله: الإبل قد نفدت، وقد بقيت بقية من الناس لا ظهر لهم، فقال لي: «ابتع علينا إبلا بقلائص من إبل الصدقة إلى محلها، حتى تنفذ هذا البعث» قال: وكنت ابتاع البعير بقلوصين وثلاث قلائص من إبل الصدقة إلى محلها، حتى نفذت ذلك البعث، فلما جاءت إبل الصدقة أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم (*) رواه الدارقطني بمعناه، وأخرجه البيهقي في السنن من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب الرئيس: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود

.بيع ما ليس بكيل ولا وزن بجنسه أو بغيره متساويا أو متفاضلا:

الفتوى رقم (20021)
س: اشتريت (30) ثلاثين رأسا من الغنم، الرأس برأس ومائة ريال، المائة حاصلة، والغنم بعد مهلة سبع سنوات، وأصابني الشك من ذلك. فأرجو من الله ثم من فضيلتكم إفتائي، والله يحفظكم.
ج: مذهب جمهور العلماء أن ما لا كيل فيه ولا وزن، كالثياب والحيوان ونحوهما يجوز بيعه بجنسه أو بغيره متساويا أو متفاضلا مع نسيئة، أي تأجيل أحد العوضين أو بعضه، وقبض العوض المقدم؛ لئلا يكون بيع دين بدين المنهي عنه شرعا، لكن يشترط أن يبين جنس العوض المؤخر، وبيان عدده وصفته التي ينضبط بها، وتحديد مدة معلومة لتسليمه حتى لا يحصل غرر بسبب عدم ذلك، ويدل لمشروعية ذلك ما رواه عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا على إبل من إبل الصدقة حتى نفدت، وبقي ناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشتر لنا إبلا من قلائص الصدقة إذا جاءت، حتى نؤديها إليهم» فاشتريت البعير بالاثنين، والثلاث قلائص، حتى فرغت، فأدى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من إبل الصدقة (*) رواه الإمام أحمد في مسنده، وهذا لفظه ج2 ص171، ورواه أبو داود، والدارقطني وصححه وقال الحافظ ابن حجر: إسناده ثقات، ويدل لذلك أيضا ما ذكره البخاري في صحيحه ج3 ص41 في باب بيع العبيد والحيوان بالحيوان نسيئة، واشترى ابن عمر رضي الله عنهما راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه، يوفيها صاحبها بالربذة، وقال ابن عباس: قد يكون البعير خيرا من البعيرين، واشترى رافع بن خديج رضي الله عنه بعيرا ببعيرين، فأعطاه أحدهما، وقال: آتيك بالآخر غدا رهوا إن شاء الله.
وأما أحاديث النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة كالحديث الذي رواه الترمذي في جامعه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن سمرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، (*) فقد علل الإمام أحمد أحاديث المنع، وقال: ليس فيها حديث يعتمد عليه، وقال أبو داود: إذا اختلفت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم نظرنا إلى ما عمل به أصحابه من بعده، وقد تواتر عن الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم جوازه متفاضلا ونسيئة، وأمر به صلى الله عليه وسلم كما سبق، فدل ذلك على أنه الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تقوى أحاديث النهي عن ذلك على المعارضة، وعلى ذلك فإنه يجوز بيع ثلاثين رأسا من الغنم بمثلها، كل رأس برأس، أو أكثر وزيادة مائة ريال أو أقل أو أكثر، عن كل رأس سواء اشترط قبض المائة في مجلس العقد أو اشترط تسليمها مع الثلاثين رأسا من الأغنام المؤجلة، بشرط بيان جنس الأغنام المؤجلة، وأوصافها، وعددها، وتحديد مدة معلومة لتسليمها. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب الرئيس: عبدالعزيز آل الشيخ
عضو: صالح بن فوزان الفوزان
عضو: بكر أبو زيد